logo
السبت 18 شوال 1445هـ 27-4-2024م 8:32 ص

شعارنا : قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾.

 

{السياسيون كالقردة إذا تصالحت أكلت الزروع وإذا تخاصمت أفسدتها.} وهذه المقولة تصدق على سياسيي بلادنا فهم في تخاصم وتنازع إذا اضطروا إلى التصالح دخلوا في تكتلات وائتلافات وتواطئوا على نهب ثروات البلاد، وإذا اتفق أن تخاصموا عثوا في الأرض مفسدين بالهدم والنهب وكسر ممتلكات العامة والخاصة. فالمراقب للوضع السياسي في هذه البلاد يتملكه الخوف والقلق وعدم الاطمئنان بمستقبل هذا البلد الذي كان أجدادنا قد بنوه بدمائهم وعرقهم على ما كان عليه اليوم من الهدوء والاستقرار وانسجام شعبه، فلا يعرف فيه نزاع مصدره الدين أو العرق بل إن مصدر جل التهديدات فيه يأتي من بعض السياسيين الذين لا تعنيهم مصالح البلاد والعباد بل تهمهم مصالحهم الضيقة، وأحيانا مصالح سادتهم في الخارج. وقد تعرض السنغاليون خلال الأعوام الماضية لكثير من الأذى والتنكيل تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي، والزج بالسجون، والإلجاء إلى الهروب إلى الخارج، بسبب السياسة والسياسيين الذين من أهدافهم الوصول إلى الحكم بأي ثمن أو الحفاظ عليه لأطول فترة ممكنة. فالديموقراطية وتبادل السلطة في السنغال أمر مألوف ومعهود بل من قيمها ومفاخرها التي توارثناها كابرا عن كابر، ويبدو أن بعض السياسيين غير مقتنعين بهذا المبدأ الأصيل المتوارث.

فالرئيس سنغور أول رئيس البلاد عند ما كير سنه وأدرك بأن عقلية الناس قد تغيرت ولم  يعد قادرا على حكم البلاد بمثل ما كان يحكمه في الماضي آثر التنازل عن السلطة، واختار رئيس وزرائه السيد عبد جوف خلفا له، وكانت هذه المبادرة من رئيس سنغور محل إعجاب وتقدير وإكبار من جميع أنحاء العالم.

 وقد نجح عبد جوف خلال السنوات العشرين التي حكمها البلاد في ترسيخ الديموقراطية وحكم القانون فيها فسمح بتعدد الأحزاب، وبتحرير الإعلام، كما نجح في وضع قانون انتخابي وافق عليه جميع السياسيين، وكان هذا القانون هو الذي مهد لمعارضه التاريخي السيد عبد الله واد الفوز عليه في انتخابات 2000

وقد تولى السيد عبد الله واد السلطة عقب فوزه التاريخي على منافسه عبد جوف، وكان من أول أعماله تحديد فترة الحكم بولايتين، وخفض سنواتها من سبع سنوات إلى خمس. كما شهدت أيام حكمه انطلاقة كبيرة في مجال البنى التحتية، كما أنعش الديموقراطية وزاد الحريات في البلاد. بيد أن تقدم سنه والنظام اللبرالي الذي تبناه وشراهة حاشيته لم تساعده في إنجاح رسالته على الوجه الأكمل، بل كثر الفساد، وعم الفوضى في البلاد، وزاد عدد الأغنياء على حساب عدد الفقراء. وعلى كل حال فالرئيس عبد الله واد رجل ديموقراطي معروف بوطنيته. فقد ناضل كثيرا من أجل ترسيخ مبادئها في البلاد، لكن مشكلته الوحيدة أثناء حكمه كبر سنه، فكبار السن يتميزون برقة القلب وكثرة الرحمة والتسامح والتساهل فيما يتطلب الحزم والشدة أحيانا. وقد لبث عبد الله واد اثنتي عشرة

{السياسيون كالقردة إذا تصالحت أكلت الزروع وإذا تخاصمت أفسدتها.} وهذه المقولة تصدق على سياسيي بلادنا فهم في تخاصم وتنازع إذا اضطروا إلى التصالح دخلوا في تكتلات وائتلافات وتواطئوا على نهب ثروات البلاد، وإذا اتفق أن تخاصموا عثوا في الأرض مفسدين بالهدم والنهب وكسر ممتلكات العامة والخاصة. فالمراقب للوضع السياسي في هذه البلاد يتملكه الخوف والقلق وعدم الاطمئنان بمستقبل هذا البلد الذي كان أجدادنا قد بنوه بدمائهم وعرقهم على ما كان عليه اليوم من الهدوء والاستقرار وانسجام شعبه، فلا يعرف فيه نزاع مصدره الدين أو العرق بل إن مصدر جل التهديدات فيه يأتي من بعض السياسيين الذين لا تعنيهم مصالح البلاد والعباد بل تهمهم مصالحهم الضيقة، وأحيانا مصالح سادتهم في الخارج. وقد تعرض السنغاليون خلال الأعوام الماضية لكثير من الأذى والتنكيل تعرضوا للعنف الجسدي والنفسي، والزج بالسجون، والإلجاء إلى الهروب إلى الخارج، بسبب السياسة والسياسيين الذين من أهدافهم الوصول إلى الحكم بأي ثمن أو الحفاظ عليه لأطول فترة ممكنة. فالديموقراطية وتبادل السلطة في السنغال أمر مألوف ومعهود بل من قيمها ومفاخرها التي توارثناها كابرا عن كابر، ويبدو أن بعض السياسيين غير مقتنعين بهذا المبدأ الأصيل المتوارث.

فالرئيس سنغور أول رئيس البلاد عند ما كير سنه وأدرك بأن عقلية الناس قد تغيرت ولم  يعد قادرا على حكم البلاد بمثل ما كان يحكمه في الماضي آثر التنازل عن السلطة، واختار رئيس وزرائه السيد عبد جوف خلفا له، وكانت هذه المبادرة من رئيس سنغور محل إعجاب وتقدير وإكبار من جميع أنحاء العالم.

 وقد نجح عبد جوف خلال السنوات العشرين التي حكمها البلاد في ترسيخ الديموقراطية وحكم القانون فيها فسمح بتعدد الأحزاب، وبتحرير الإعلام، كما نجح في وضع قانون انتخابي وافق عليه جميع السياسيين، وكان هذا القانون هو الذي مهد لمعارضه التاريخي السيد عبد الله واد الفوز عليه في انتخابات 2000

وقد تولى السيد عبد الله واد السلطة عقب فوزه التاريخي على منافسه عبد جوف، وكان من أول أعماله تحديد فترة الحكم بولايتين، وخفض سنواتها من سبع سنوات إلى خمس. كما شهدت أيام حكمه انطلاقة كبيرة في مجال البنى التحتية، كما أنعش الديموقراطية وزاد الحريات في البلاد. بيد أن تقدم سنه والنظام اللبرالي الذي تبناه وشراهة حاشيته لم تساعده في إنجاح رسالته على الوجه الأكمل، بل كثر الفساد، وعم الفوضى في البلاد، وزاد عدد الأغنياء على حساب عدد الفقراء. وعلى كل حال فالرئيس عبد الله واد رجل ديموقراطي معروف بوطنيته. فقد ناضل كثيرا من أجل ترسيخ مبادئها في البلاد، لكن مشكلته الوحيدة أثناء حكمه كبر سنه، فكبار السن يتميزون برقة القلب وكثرة الرحمة والتسامح والتساهل فيما يتطلب الحزم والشدة أحيانا. وقد لبث عبد الله واد اثنتي عشرة

 

سنة في الحكم وسعى للحصول على ولاية ثالثة بمباركة القضاء، لكنه انهزم في انتخابات 2012 أمام منافسه ماكي سل الذي كان انشق من صفوف حزبه حديثا.

وقد بعث انتخاب ماكي سل الأمل في النفوس فهو أول من وصل إلى سدة الحكم من هذا الجيل الذي ولد بعد الاستقلال، وشهد معظم المعارك الديموقراطية التي وقعت بعده في الساحة السياسية السنغالية، كما تقلد مناصب عدة في حكومات عبد الله واد المتعاقبة إضافة إلى ذلك شعاره البراق أثناء حملته الانتخابية: (مصلحة الوطن مقدمة على مصلحة الحزب) ثم إن مما زاد الأمل بعد أن تقلد مقاليد الأمور قصده إلى دستور البلاد وأحدث فيه تغييرات بدعوى سد الثغرات والمنافذ التي يستغلها الرؤساء للتلاعب به ولمحاولة إطالة فترة حكمهم لكن سرعان ما أظهر نواياه، وكشر عن أنيابه، وأبدى للناس وجهه الحقيقي. وقال مقولته الشهيرة (سأضعف المعارضة إلى أقصى حد ممكن) واستخدم السلطة والقضاء للوصول إلى هدفه. بدأ بكريم واد ثم خليفة سل فزج بهما في السجن وأخرجهما من قائمة الناخبين والمنتخبين ثم نفى كريم واد إلى الخارج. ثم ختم بعثمان سونكو الذي سرعان ما تبين له بأن الأسلحة التي استخدمها للفتك بزميليه لا تنجح معه. فرئيس سونكو محبوب الجماهير ومشهود له بالصلاح والنزاهة والترفع عن الرشوة وأكل المال العام. لكن حسن خصاله لم ينجه من سطوة هذا الرئيس المتغطرس، بل سجنه وأزال اسمه من قائمة الناخبين والمنتخبين كعادته بتهم الاغتصاب والتشهير رغم عدم توفر الأدلة أو وهنها. وقد قيد رئيس ماكي سل الحريات، وأذاق السنغاليين لباس الخوف والهلع بما كان يصنع بهم، يسجنهم ويقتلهم وينفيهم. وقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى عندما باغت الجميع بإعلان إلغاء الانتخابات قبيل البدء بحملتها، وكان لقرار الإلغاء وقع صاعقة في النفوس لأنها سابقة لا يألفها السنغاليون.

 فتبادل السلطة في الأنظمة الديموقراطية من الحقوق الطبيعية للشعوب، إذ أن لكل نظام سياسي مؤيدين ومعارضين فالمؤيدون يعملون لبقائه والمعارضون يسعون لإسقاطه، فإذا استمر الحكم ولم يتغير يكون في صالح المؤيدين على حساب المعارضين، وهذا مناف للعدالة والديموقراطية. فتبادل الحكم في النظام الديموقراطي أمر ضروري لأنه يسمح لمن تضرر أو لا يجد لنفسه مكانا في النظام القائم مخرجا وأملا جديدا في النظام القادم، وكما أن الرئيس الذي يعرف أن محاسبة أعماله وتقييمها تنتظره في نهاية ولايته لا بد أن يبذل قصارى جهده ليحقق نتائج مرضية وإيجابية.

وعلى السنغاليين أن يتوخوا الحذر وأن يدققوا مستقبلا في اختيار رؤسائهم وأن لا تحملهم العواطف أو ردود أفعال غير مدروسة على اختيارات غير موفقة تكون عاقبتها الندم والحسرة أو نسف ما بذله قدماؤنا من جهود وتضحيات من أجل إقامة هذا الصرح الديموقراطي القوي.

ويجب عليهم المراعاة في اختيار الرئيس مستقبلا أن يكون ذا اهتمام بشئون شعبه ورحيما به، وأن يكون في غدوه ورواحه في خدمته وفي رفع المعاناة عنه، وأن يسهر على حماية معتقداته وقيمه الروحية والوحدة الوطنية والانسجام القائم بين مكوناته، وأن يقدم ولاءه لبلاده على ولائه لأي شيء آخر، وأن يكون أسوة حسنة بسلوكه الرفيع وبقيمه الأخلاقية العالية

                                                           

 

     صالح مرتضى مبكي

                                                                طوبى دار السلام ندام

                                                                 12 مارس 2024